RSS

03 مارس

إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا !!

سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن أخلاق النبي صلى الله عيه وسلم، فقالت: كان خُـلـُـقـُه القرآن.

 

[ صحيح / صحيح الجامع الصغير وزيادته للألباني، 4811 ].

 

قال المناوي في فيض القدير: أي ما دل عليه القرآن من أوامره ونواهيه ووعده ووعيده إلى غير ذلك

 

 

وقال القاضي: أي خلقه كان جميع ما حصل في القرآن. فإن كل ما استحسنه وأثنى عليه ودعا إليه فقد تحلى به

 

 وكل ما استهجنه ونهى عنه تجنبه وتخلى عنه. فكان القرآن بيان خلقه. انتهى. وقال في الديباج:

 

معناه العمل به والوقوف عند حدوده والتأدب بآدابه والاعتبار بأمثاله وقصصه وتدبره وحسن تلاوته.

.

.
وروى مسلم في صحيحه أن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بعسفان، وكان عمر يستعمله على مكة.

 

 فقال: من استعملت على أهل الوادي؟ فقال: ابن أبزي. قال: ومن ابن أبزي؟ قال: مولى من موالينا.

 

قال: فاستخلفت عليهم مولى؟ قال: إنه قارئ لكتاب الله عز وجل، وإنه عالم بالفرائض. قال عمر:

 

 أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال: « إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين. »

 

 

 صحيح مسلم، 817(269)

 

 قال السندي في شرحه على سنن ابن ماجه: ( قال عمر ): تقريرا لاستحقاقه الاستخلاف. وقوله

 

( بهذا الكتاب ): أي بقراءته، أي بالعمل به. وقوله ( أقواما ):

 

 أي: منهم مولاك. ( ويضع به ): أي بالإعراض عنه وترك العمل بمقتضاه.

 

 

وهكذا كان توقير الرعيل الأول لكتاب ربهم في صدورهم. وكان السلف ينشئون أطفالهم على حفظ القرآن،

 

 ثم يحفظونهم الكتب الستة ( أي صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن الترمذي، وسنن أبي داود، وسنن النسائي، وسنن ابن ماجه ).

 

وبعد أن يتمون ذلك يقومون بتحفيظهم مغازي الرسول صلى الله عليه وسلم. وبذلك يشب الطفل المسلم

 

على وعي بكتاب ربه وسنة نبيه صلوات ربي وسلامه عليه. وهكذا حقق الإسلام تقدمه وتفرده،

 

وازدهرت حضارة الإسلام على جميع الحضارات التي كانت سائدة في ذلك الوقت، وتفوقت عليها؛

 

وذلك بحفظ كتابها والعمل بمقتضاه. ثم خلف من بعد ذلك خلف أضاعوا هذه القيم،

.

.

ولم يهتموا بكتاب ربهم. هان الله في نفوسهم، فأهانهم الله بما اقترفوه من ذنوب.

 

 

وقد ضرب لنا القرآن المثل على الأمة التي تضيع العمل بكتابها، فقال تعالى مخبرا عن بني إسرائيل

 

والخطاب للتذكرة والتحذير:

 

 

{ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا اْلأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ

 

 أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ َلا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِّلا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ

 

وَالدَّارُ اْلآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ }

 

 

قال الشيخ أبو بكر الجزائري في تفسيره لهذه الآية: يحكي الله تعالى عن اليهود أنه قد خلفهم خلف سوء،

 

ورثوا التوراة عن أسلافهم، ولم يلتزموا بما أُخذ عليهم فيها من عهود، على الرغم من قراءتهم لها

 

 

فقد آثروا الدنيا على الآخرة، فاستباحوا الربا والرشا وسائر المحرمات، ويدّعون أنهم سيغفر لهم.

 

وكلما أتاهم مال حرام أخذوه، ومنوا أنفسهم بالمغفرة كذبا على الله تعالى. و

 

قد قرأوا في كتابهم ألا يقولوا على الله إلا الحق وفهموه، ومع ! هذا يجترئون على الله ويكذبون عليه بأنه سيغفر لهم.

 

 

وقال القرطبي في تفسيره: وهذا الوصف الذي ذم الله تعالى به هؤلاء موجود فينا.

 

فقد روى الدارمي في سننه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: سيبلى القرآن في صدور أقوام كما يبلى الثوب

 

 

 فيتهافت, يقرءونه لا يجدون له شهوة ولا لذة, يلبسون جلود الضأن على قلوب الذئاب,

 

أعمالهم طمع لا يخالطه خوف, إن قصروا قالوا سنبلغ, وإن أساءوا قالوا سيغفر لنا, إنا لا نشرك بالله شيئا

 

 

واستمر خط الابتعاد عن كتاب الله يمضي قدما

 

 

وكما قال ربي عز وجل: { وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا

 

 قال ابن القيم في كتابه القيم ” الفوائد “:

 

وهجر القرآن أنواع: أحدها: هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه.

 

والثاني: هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه، وإن قرأه وآمن به.

 

والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه

 

في أصول الدين وفروعه، واعتقاد أنه لا يفيد اليقين، وأن أدلته لفظية لا تحصل العلم.

 

والرابع: هجر تدبره وتفهمه، ومعرفة ما أراد المتكلم به منه.

 

 

 والخامس: هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها،

 

فيطلب شفاء دائه من غيره، ويهجر التداوي به … وإن كان بعض الهجر أهون من بعض.

 

 

وجميع هذه الأنواع من هجر القرآن واقعة بيننا ومتفشية فينا الآن. ومن صور هذا الهجران ما يلي:

 

 

– عدم قراءته. فمن منا يقرأ القرآن يوميا؟!

 

إن القرآن مقسم إلى ثلاثين جزء، ومتوسط كل جزء عشرون صفحة. فهل من الصعب قراءة عشرين صفحة يوميا؟

 

إنه أمر لا يستغرق منك سوى نصف ساعة. إن قراءة الصحف اليومية تستغرق من المرء أكثر من ساعة يوميا

 

 فهل قراءة تلك الصحف أهم من قراءة القرآن؟!!

 

 

– وسماع القرآن … لقد استبدلناه بسماع الأغاني ومشاهدة الأفلام والتمثيليات ومتابعة المباريات.

 

 

– وأخلاقنا الآن في وادٍ وما ينادي به القرآن من التحلي بقويم الأخلاق في وادٍ آخر.

 

 

– ونعرف حلاله وحرامه ولا نقف عندهما، بل نتفاخر بالتملص منهما، ونصم من يلتزم بهما بالسذاجة وقلة الخبرة.

 

 

– وتعلمنا كيف نجادل لا لإثبات تعاليم ربنا ولكن لكي نتفلت منها، ونعمل بغيرها.

 

ظننا أن التقدم الخادع الذي أحدثته الأمم من حولنا إنما مرجعه للتخلي عن الدين

 

 فلما تخلينا عن ديننا انحرفنا وزغنا عن طريق التمكين.

 

 

– التخلي عن التحاكم إليه في حياتنا وفي معاملاتنا.

 

– تركنا فهم معانيه ومن ثم تدبر آياته، وأصبح معظم ما نعرفه عنه عكس المراد به.

 

 

– تركنا تعلم لغته ولجأنا إلى لغات المستعمر، وأصبح تجنب الحديث باللغة العربية والرطانة بهذه اللغات مصدر فخر وإعزاز بيننا.

 

 

– تركنا التداوي به ولجأنا إلى الاعتماد على الأسباب المادية فقط.

 

 

إني لأعجب من أمة تهجر كتاب ربها وتُعرض عن سنة نبيها، ثم بعد ذلك تتوقع أن ينصرها ربها؟

 

 إن هذا مخالف لسنن الله في الأرض

 

 

إن التمكين الذي وعد به الله، والذي تحقق من قبل لهذه الأمة، كان بفضل التمسك بكتاب الله عز وجل

 

 الدستور الرباني الذي فيه النجاة مما أصابنا الآن. إن الذين يحلمون بنزول النصر من الله لمجرد أننا مسلمون لواهمين.

 

ذلك أن تحقق النصر له شروط. قال تعالى { الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي اْلأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوا الزَّكَاة

 

 وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ اْلأُمُورِ )

 

 

فعودوا إلى كتاب ربكم تنالوا نصره في الدنيا وتدخلوا جنته في الآخرة.
.

 
أضف تعليق

Posted by في مارس 3, 2014 بوصة جنة القرآنـ

 

أعطنا نظرتكـ ❣